سيدنا معاذ بن جبل (رضي الله عنه وأرضاه)
إنه إمام العلماء سيدنا معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي كنيته أبو عبد
الرحمن – رضي الله تعالى عنه وأرضاه – وهو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة
من الأنصار وآخى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بينه وبين سيدنا عبد الله بن
مسعود – رضي الله عنه – وأرضاه ويروى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – آخى
بين معاذ بن جبل وبين سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه وقد شهد
سيدنا معاذ بن جبل بيعة العقبة ومعركة بدر والمشاهد كلها ، وبعثه رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
إماماً وقاضياً إلى اليمن ، يعلم الناس القرآن الكريم وشرائع الإسلام ويقضي بينهم
فيما يختصمون فيه وأوكل إليه أخذ الصدقات من العمال (أي الولاة) الذين باليمن .
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعا بن جبل حين وجهه إلى اليمن : "بم تقضي" ؟
قال : بما في كتاب الله . قال "فإن لم تجد ؟" . قال : بما في سنة رسول الله . قال : "فإن لم تجد ؟" .
قال : أجتهد رأيي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحمد لله الذي وفق رسول رسول
الله لما يحب رسول الله" .
ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : "أعلمكم
بالحلال والحرام معاذ بن جبل" . وقال صلى الله عليه وسلم : "يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء" .
كان – ري الله عنه – رجلاً شاباً جميلاً من أفضل سادات قومه ، سَمْحَاً لا يمسك ماله
عن أحد (أي أنه يعطي ماله بسخاء شديد) وكان طويلاً حسن الشَّعْر عظيمَ العينين أبيضَ
برَّاق الثنايا كريم الأخلاق والصفات والسجايا .
وكان سيدنا عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – يقول : حُدِّثْنا عن العاقلين . فقيل له :
من هما ؟ قال : هما معاذ بن جبل وأبو الدرداء .
وروى الشّعْبِي عن فروة بن نوفل الأشجعي قال : كنت جالساً مع ابن مسعود رضي
الله عنه ، فقال : إن معاذاً كان أمةً قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين . فقلت : يا أبا
عبد الرحمن : إنما قال الله تعالى : "إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله حنيفاً" (النحل 120) .
فأعاد قوله : إن معاذاً فلما رأيته أعاد عرفت أنه تعمّد الأمر ، فسَكَتُّ . فقال :
أتدري ما الأمة ؟ وما القانت ؟ قلت : الله أعلم . قال : الأمة الذي يعلم الخير ويُؤْتَمُّ به
ويقتدى ، والقانت المطيع لله ، وكذلك كان معاذ بن جبل معلماً للخير مطيعاً لله ولرسوله .
روى الحديث النبوي الشريف عن سيدنا معاذ بن جبل جمعٌ من الصاحبة رضوان الله تعالى
عنهم منهم عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن أبي أوفى ،
وأنس بن مالك , أبو أمامة الباهلي وأبو قتادة الأنصاري ، وأبو ثعلبة الخشني ، وعبد
الرحمن بن سمرة العبشمي وجابر بن سمرة السوائي رضي الله عنهم أجمعين .
وكان سيدنا عمر بن الخطاب قد استعمل سيدنا معاذاً على الشام حين مات سيدنا أبو
عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فمات سيدنا معاذ من عامه ذلك بسبب الطاعون فاستعمل
مكانه سيدنا عمرو بن العاص – رضي الله عنه رحم الله إمام العلماء سيدنا معاذ بن جبل
رضي الله عنه وأرضاه وجزاه عن الأمة المحمدية خير الجزاء .